Get my banner code or make your own flash banner

انت منين؟

Sign by Danasoft - Myspace Layouts and Signs

٢٠٠٦/٠٣/٠١

قتل التميز...مايحكمشى



الأصبع الوسطى فقط... لا تكفى
كعادته كلما كان مهموما لاذ بالشاطئ المنعزل الغارق فى السكون والعذرية وصل إلى مكان قاربه الصغير …. حرر القارب من قيده وانطلق يجدف بهدوء استغرقه تأمل قرص الشمس المتجه إلى صفحة المياه بشوق أزلى نسمه باردة تداعب صفحة وجهه …. وتزرع السلام فى نفسه لامس قرص الشمس المياه معلنا قرب انتهاء الرحلة شعر بالأسى ….. تمنى أن تدوم الرحلة وقتا اكبر ….. لا بأس فليعد غدا جدف يمينا ليبدأ رحلة العودة لكن قاربه لم يطاوعه …. زاد من سرعة ضربات المجداف بدون فائدة أستشعر الخطر المحدق به …… و أحس تيارا قويا يدفع قاربه بعيدا عن هدفه استنفر الخطر عضلات جسده فمضى يجدف بعنف محاولا المقاومة زادت سرعة التيار بشكل مذهل .…. نظر خلفه فرأى شاطئه المنشود خطا باهتا يذوب فى عتمة الأفق البعيد أصبح همه الحفاظ على قاربه طافيا فمضى يضرب صفحة الماء بمجدافيه بمهارة وحذق مضى وقت لا يستطيع تحديده حتى هدأ التيار واصبح مسيطرا على قاربه كان الليل قد أطبق على البحر والقارب الصغير تماما عجز عن تحديد اتجاه الشاطئ ……. ولكنه قرر أن يواصل طريقه فربما يحالفه الحظ أخذ يجدف وقد أحسن بالوهن يتسلل إلى جسده مر بعض الوقت ……. قبل أن يلمح بصيصا من ضوء بعيد
استمد من الأمل قوة جديده فمضى يشق البحر بقوة متحديه وعزم لا يلين أخيرا……. وصل إلى مصدر الضوء ….لكنه ليس شاطئه الذى يعرف !!!!!! دفع قاربه حتى استقر على الرمال وسار خطوات قليلة أمامه سور ضخم تعلوه كشافات ذات إضاءة مبهرة دار مع السور ومشى طويلا قبل أن يجد بابا صغيرا غمرته الفرحة فهو بحاجة إلى الدفء والطعام طرق الباب …….. ما لبث أن فُتح الباب … وخرج إليه شخص ضخم الجثة … توحى هيئته بأنه حارس أو جندى حدجه بنظرة متوجسة
السلام عليكم -
وعليكم السلام …. من أنت ؟ ومن أين أتيت ؟ - لقد ضللت طريقى فى البحر وكدت أضيع حتى - رأيت هذه الأنوار .. هل أستطيع أن اقضى الليل هنا انتظر قليلا -
اغلق الحارس الباب ….. مضت دقائق ثقيلة …..
فُتح الباب وظهر الحارس وطلب منه أن يتبعه داخل السور وجد حديقة رائعة يتوسطها مبنى مهول الضخامة حتى لتعجز العين عن إدراك منتهاه
كان المبنى والحديقة يسبحان فى أضواء ملونه رائعة لم يستطع تحديد مصدرها
قاده الحارس إلى مدخل المبنى وأدخله غرفة صغيره طالبا منه الانتظار
كانت الغرفة خالية من أى أثاث باستثناء مقعدين صغيرين جلس على أحدهما
مرت لحظات قبل أن يدخل الغرفة رجل ذو وجه صارم
سأله الرجل
كيف جئت إلى هنا -
بقارب صغير بعد ان ضللت طريقى فى البحر -
هذا عجيب -
لماذا ؟ -
إن تاريخنا المسجل من مئات السنين لم يسجل حدثا كهذا حدث كهذا !!!!!!! ماذا تقصد ؟ -
لم يحدث أن خرج شخص من البحر إلى جزيرتنا -
أنا لم أخرج من البحر لقد جئت من جزيرة -
مجاوره ولابد أنكم تعرفونها
ماذا تقول هل تعنى انه توجد ارض أخرى خلف - البحر !!!!! بالطبع ألا تعلمون ذلك؟ -
غاية علمنا انه لا توجد ارض غير أرضنا -
غير معقول هل تعتقدون إنكم الوحيدين فى - العالم…. هناك ملايين البشر يعيشون على خمس قارات
عموما هذا لا يهمنى … المهم هو ماذا تريد منا - الآن؟
أريد طعاما ومكانا أنام فيه حتى الصباح -
هذا غير ممكن …… نظامنا لا يسمح بذلك -
أى نظام ؟ -
نظام الجزيرة …… لا يمكنك الحصول على شئ - مادمت لا تعمل
كل ما أريده هو وجبه واحدة -
الوجبات تصرف للعاملين فقط -
لدى بعض النقود خذوها مقابل وجبه -
ما معنى نقود؟ -
هاهى خذ -
هل تسخر منى هل تعطينى ورقا مقابل وجبه -
أنا لا افهم !!! من انتم ؟ ما هذا المكان ؟ - ماذا تفعلون هنا ؟
ليس من حقك أن توجه أسئلة -
ألا يوجد لديكم رحمة؟ هل تتركونى بدون مأوى - أو طعام ……
بالطبع لا ….. نحن تحكمنا القوانين والقانون - يحتم علينا أن نوفر لك العمل الذى يوفر لك الطعام والمأوى…….
حسنا موافق سوف أعمل مقابل وجبه واحدة - ومأوى لهذه الليلة فقط وغدا سوف أغادر
لك مطلق الحرية فى أن تبقى أو تغادر فى - أى وقت… ولكن لابد أن تعلم شيئا مهما جدا …
لم يحدث أن غادر أحد هذه الجزيرة .. فلا يوجد أى مكان أخر غير البحر إلى مالا نهاية وأنت لا تعرف الاتجاه الذى أتيت منه فكيف ستغادر الجزيرة إذا سوف أعمل حتى أستطيع أن أجد وسيلة - للعودة إلى وطنى مرة أخرى
لك هذا … فقط لدينا شرط واحد -
ما هو ؟ -
لا تسأل عما لا يعنيك وأتبع النظام -
حسنا وما نوع العمل الذى سوف أقوم به ؟ -
تعال معى -
خرجا من الغرفة وسار خلف الرجل حتى وصلا الى باب كبير دفعه الرجل ليدخلا إلى مكان عجيب كان المكان فسيحا مترامى الأطراف ملئ بالمناضد التى صفت فى خطوط متوازية تمضى الى مالا نهاية وعلى جانبى صفوف المناضد يجلس الآلاف من البشر يقومون بعمل واحد يجمعون نوعا صغيرا من اللآلئ تمتلئ به المناضد ويضعونها فى صناديق صغيره من الخشب كان العمل يتم بهدوء وآلية عجيبة فلا صوت ولا حركه أخرى باستثناء حركة وضع اللؤلؤ فى الصناديق
قاده الرجل إلى أحد الكراسى وطلب منه الجلوس والبدء فى العمل قائلا سوف يتوقف ما تستطيع الحصول عليه على عدد الصناديق التى تملؤها كلما زاد العدد حصلت على مزايا أفضل…… ستعمل لمدة ثمان ساعات تماما بعد نهايتها سوف يأخذ المشرف الصناديق ويعطيك عددا من الخرز يتناسب مع عدد الصناديق التى عبأتها
خرز !!!!!!! وماذا أفعل بالخرز؟؟ تستطيع أن تشترى به ما تشاء
ولكن من اين يأتى كل هذا اللؤلؤ ؟ ولماذا تجمعوه ؟ لا بد أنه للتصدير ؟ إذا انتم تتعاملون مع العالم الخارجى…….
ليس من حقك أن تسأل أنت تخالف النظام وهذا يعرضك للحرمان من العمل اجلس وابدأ العمل
أضطر للانصياع للأمر …. أخذ يجمع اللؤلؤ ويضعه فى الصناديق ….. لا أحد حوله ينبس ببنت شفه ….. صمتٌ و استغراقٌ تام فى العمل بعد مرور نصف الوردية نظر إلى عدد الصناديق التى جمعها كانت أربعة عشر صندوقا نظر إلى جاره على اليمين وجد أمامه صندوقين فقط أما الشخص على يساره فقد جمع أربع صناديق والشخص المقابل له جمع صندوقين فقط
أصابته الدهشة هل من المعقول أن يكون أسرع منهم لهذه الدرجة وهو يقوم بهذا العمل لأول مره مال إلى الأمام بحذر ليرى صناديق العاملين القريبين منه ….. لم يتخطى أى منهم خمس صناديق !!!!!!!!!
قرر أن يراقب طريقة عملهم ليعرف السبب نظر إلى جاره ودهش … المسكين يعانى من إعاقة فى يده فى كل كف لا يوجد سوى إصبع واحد هو الوسطى فقط أما الأصابع الأخرى فمقطوعة …. شعر بالحزن والإشفاق عليه نظر ألى الجالس بجواره من الناحية الأخرى ….. ذهل إنه يعانى من نفس الإعاقة لا يوجد سوى إصبع الوسطى فقط فى كل كف
صُدم تماما أجال بصره بينهم ليكتشف أنها مأساة جماعية الجميع يعانى نفس الإعاقة
ما معنى هذا ؟؟؟ كاد أن يسأل لكنه تذكر أن السؤال قد يعنى حرمانه من العمل وبالتالى من إمكانية الحياة ….. فسكت
عند نهاية الوردية مر شخص ليجمع الصناديق كان لديه اكثر من ثلاثين صندوقا بينما لم يتخطى أى شخص أخر العشر صناديق نظر إليه جامع الصناديق بدهشة شديدة ولكنه ناوله الخرز مقابل صناديقه سار مع باقى العاملين الذين توجهوا إلى شخص يقف بجوار قدر ضخم يفرغ منها حساءً ساخنا فى علب متفاوتة الأحجام حسب عدد الخرز الذى يقدموه
اخذ اكبر علبه _ دفع مقابلها نصف ما معه من الخرز _ وجلس يأكل بشهية ونهم
لاحظ أن نظرات الجميع مركزة عليه وبالتحديد على يديه فلم يملك سوى ان يشعر بالعطف والشفقة عليهم ، ولكن فى نفس الوقت أحس بنشوة تعتريه إنه متميز عنهم جميعا سوف يكون دائما فى وضع أفضل منهم , حاول أن يبادلهم الحديث لكنهم تهربوا
جاء أحد المشرفين وأشار إليه ليتبعه وادخله غرفة ضيقة جدا يوجد بها سرير واحد تاركا إياه لينام
ذهب فى نوم عميق تاركا الإجابة على الأسئلة التى تدور بعقله إلى الغد
………
فى صباح اليوم التالى أستيقظ على طرقات تدق بابه
فتح فوجد المشرف واقفا أمامه…….
من فضلك كبير المشرفين يريد مقابلتك
حسنا سوف أكون جاهزا بعد قليل -
بعد قليل كان يجلس فى غرفة كبير المشرفين إنه نفس الرجل الصارم الوجه
بدأ المشرف الحديث
اخبرنى المشرف أنك جمعت عددا غير مسبوق - من الصناديق أمس نعم تجاوزت الثلاثين صندوقا -
إنها مشكلة كبيرة -
مشكلة !!!! ما المشكلة فى ذلك أننى -
افضل الجميع وإنتاجى أضعاف إنتاجهم إننى أتميز عنهم بكثير
تميزك الصارخ هو لب المشكلة -
ماذا - !!!!!!!!!!!
لا يمكننا قبول ذلك سوف تثير أحقادهم - وتعصف بالأمان الذى يعيشونه عندما يشاهدوا كمية الخرز الذى تحصل عليه ، إنك تحطم كل الثوابت التى اعتادوها ، سوف يسبب هذا اختلالا فى تماسكهم النفسى والاجتماعى وربما ينهار النظام الذى استغرق سنوات طويلة لتثبيته…….
وما ذنبى أنا ماذا تريدنى أن افعل -……
أنا أعرف انه لا ذنب لك المشكلة فى الإعاقة - التى تعانيها……
إعاقة !!!!!!!!!!! عن أية إعاقة تتحدث ؟
….. هذه الأصابع الزائدة التى تشوه يديك -
أصابه الذهول ….. نظر إلى يد الرجل لا يوجد سوى إصبع الوسطى فقط
تكشفت أمامه الحقيقة كاملة …. جميعهم هكذا …..
لم يشاهد أحدهم مخلوقا بخمس أصابع فى اليد وبالتالى فهو معاق فى نظرهم
بصوت مخنوق خاطب كبير المشرفين قائلا……..
يا سيدى خارج حدودكم كل البشر مثلى بخمس - أصابع……..
عن أى حدود تتحدث وعن أى بشر يبدو أنك - تعانى خللا عقليا أيضا
حسنا يا سيدى لا أريد خرزا كثيرا أعطونى - خرزا يوازى ما يحصل عليه اى واحد منهم……
مستحيل هذا ضد النظام ، أساس نظامنا العدل - لابد أن تأخذ خرزا يوازى قيمة ما تملؤه من صناديق ……
حسنا سوف املأ عددا صغيرا فقط من الصناديق - وبهذا تحل المشكلة
لا هذا يعنى أن تعمل وقتا اقل منهم وتحصل - على نفس ما يحصلون عليه وهذا أيضا سوف يثير أحقادهم……..
حسنا دعونى أمارس عملا أخر
لا يوجد لدينا أعمال أخرى
……. إذا ما الحل ؟؟ -
لابد أن تخضع للعلاج -
أى علاج -
!!!!!!
نجرى لك جراحه تجميليه _ على حسابنا _ نقطع - الأصابع الزائدة لتصبح يدك طبيعية وبذلك تمارس حياتك بدون مشاكل
غير ممكن أنا غير موافق هذه جريمة -
أنت حر تماما لا يستطيع أحد إجبارك ولكن نأسف -
أننا لا نستطيع السماح لك بالعمل بهذا الوضع عموما خذ مهله حتى الغد للتفكير
عاد إلى غرفته وأخذ يفكر لا يوجد مكان يستطيع الذهاب إليه إنه محاصر تماما ورفضه يعنى الموت جوعا
ليس أمامه سوى الموافقة حتى يستطيع أن يواصل حياته
فى الليل طلب مقابلة كبير المشرفين وابلغه أنه يوافق على أجراء العملية
ابتسم الرجل مهنئا وتوقع له مستقبلا باهرا بعد العملية وأخبره أن العملية ستجرى صباح الغد
لم يغمض له جفن تلك الليلة ... أخذ يراقب السماء من نافذة غرفته منتظرا أضواء الفجر عندما لاحت أشعة الضياء .. كان قد حزم أمره سار حتى بوابة السور الخارجى وطلب من الحارس أن يفتح له الباب سار حتى قاربه واستقله مجدفا نحو المجهول , قضى اليوم كله يجدف حتى غطى الليل البحر والقارب الصغير
مر يومين
...
استلقى على ظهره و نسمه باردة تداعب صفحة وجهه … وتزرع السلام فى نفسه
أخذ يراقب النجوم المضيئة فى السماء غطت وجهه ابتسامة هادئة …….. كان مرتاحا تماما لقراره الأخير
وأغمض عينيه للأبد أمر فظيع أن تكون متميزاً ......
الأفظع إرغامك على ألا تكون متميزاً
إبراهيم عزت

ليست هناك تعليقات: